الجمعة، 22 أغسطس 2008


هي خربشات ليست اكثر .... خربشات تحمل معها قصة شاب يبلغ السابعة عشر من عمره ... تحمل معها حياة شاب قد مر فيها وعاش فيها تجارب لم يتحملها الحجر .... خربشات تتكلم عن انسان جعل حياته عبارة عن طريق يسير بها فمره يرى هذه الطريق سهل السير بها ويسير بها ويخطو باقدامه ولا يواجه اي الصعوبات ... ومرة تراه يسير في هذه الطريق وهو يتالم من المعيقات ومن العقوبات التي تظهر له ... لكن مع هذا كله لازل يسير في هذه الطريق ويسر رغم الالم ... الذي يعانيه هي خربشات تحمل معها قصة عاشق .. احب وفشل .. احب وفشل .. احب وفشل ... لكنه يحب وهل سوف ننتظر منه من جديد ومرة اخرى الفشل ؟؟.. لكنه سائر في هذه الحياة رغم هذا الفشل !! هي خربشات تحمل معها قصة صديق وفي مخلص ... عاش تجارب الصداقة فشل في بعض التجارب ونجح في بعض التجارب لكنه حتى الان يسير ويفشل وينجح .... هي خربشات تراها تحمل معها الم شاب .. وأمل وتفائل شاب ... مرة تراه يفشل في شيئ معين لكنه تراه في المرة المقبلة قد فشل ... ومن جديد يفشل لكنه يصر عليها وينجح بها ... هي ليست إلى خربشات تعبر عن الالم والامل لدى شاب .. قد صمم على ان لا يعيش الفشل .. ومصر على ان يجعل الالم أمل ... هذه هي قصة هذا الشاب ابن السابعة عشر عاما

بقلم ابو جهاد

وصية ليث الى ابنه

وصية ليث إلى ابنه

ولدي إليك وصيتي عهد الأسودْ ..
العز غايتنا نعيش لكي نسود ..
و عريننا في الأرض معروف الحدود ..
فاحم العرين و صنه عن عبث القرود ..
أظفارنا للمجد قد خُلقت فدى ..
و نيوبنا سُنَّت بأجساد العدى !
و زئيرنا في الأرض مرهوب الصدى ..
نعلي على جثث الأعادي السؤددا !
هذا العرين حمته آساد الشرى ..
و على جوانب عزه دمهم جرى ..
من جار من أعدائنا و تكبرا ..
سقنا إليه من الضراغم محشرا ..
إياك أن ترضى الونى أو تستكينْ ..
أو أن تهون لمعتدٍ يطأ العرين !
أرسل زئيرك و ابق مرفوع الجبين ..
و الثم جروحك صامتاً و انس الأنين ..
مزق خصومك بالأظافر لا الخطابْ ..
فإذا فقدت الظفر مزقهم بناب ..
و إذا دعيت إلى السلام مع الذئاب ..
فارفض فما طعم الحياة بلا ضراب ..
اجعل عرينك فو ق أطراف الجبالْ ..
ودع السهول يجوب في السهل الغزال ..
لا ترتضي موتاً بغير ذرى النصال ..
نحن الليوث قبورنا ساح القتال ..
ولدي إذا ما بالسلاسل كبلوكْ ..
و رموك في قعر السجون و عذبوك !
و براية الأجداد يوماً كفنوك ..
فغداً سينشرها و يرفعها بنوك !
إياك أن ترعى الكلا مثل الخرافْ ..
أو أن تعيش منعَّماً بين الضعاف !
كن دائماً حراً أبياً لا يخاف !
و خض العباب و دع لمن جبنوا الضفاف..
هذي بنيَّ مبادئ الآسادِ !
هي في يديك أمانة الأجداد ..
جاهد بها في العالمين و نادي ..
إن الجهاد ضريبة الأسياد !

الأربعاء، 20 أغسطس 2008

كم هو رائع النور من بعد الظلام

تكون سائر في الظلام ولا تعرف اين اقدامك المجهولة تخطو ... واين تسير في هذا الظلام .. لكن انت بتوقاتعك تحسب نفسك انك تسير في النور ... وتسير في الطريق والصواب الصح ... ومن المؤلم بعد هذا ان تكتشف انك كنت سائر في الظلام ... واعمالك وافعالك من المستحيل ان تنكشف إلى النور ... ومن الجميل ان تبني حياتك مرة اخرى .. وتؤسس حياتك مرة اخرى مع النور ... وتعاهد نفسك ان تخرج من هذا الظلام الذي كنت قد خدعت به الى النور الذي يجمع تحت نوره اجمل المشاعر واجمل الاحاسيس الصادقة ...

وها انا عدت من جديد خارج من الظلام الحالك ... خارج من ذاك الظلام القاتم ... خارجا الى النور .. لكن عفوا هذه المرة خارج انا وسمرائي .. انا ومن جعلتني اخرج الى النور ... انا ومن جعلتني اسقط كالاسير في حبها ...

عشقت فيها كل لمساتها ... كل حنيتها ... وكل كلماتها ... جميلة حين تقبل ... وشامخة حين تقرر .. وقوية حين تتالم ... وصامدة حين تتكلم ... فما اجمل سمرائي حين تطل علي دوما ...

ما اجملها حين تقبل وحاملة معها كل النور ...الذي سوف تضيئ به حياتي وحياتها من جديد ....

ساصرخ ... وساقول بأنني قد خرجت من الظلام الى النور ... لكن قد خرجت مع من سيطرت على قلبي وعقلي ... ساصرخ واقول بانني سوف ابقى دوما سائرا بين دروب النور .. لن انخدع مرة اخرى ... وستستمر حياتي في هذا الاشعاع الذي يحمل معه عشقي وحبي لكي يا سيدتي ... احبك جدا واحب النور الذي تحملينه لدي ...


بقلم ابو جهاد

الاثنين، 11 أغسطس 2008

على متن الفراشات كان رحيل محمود درويش ....

وكأنه اراد ان يعاقبنا بإنسحابه من مشهد الحياة .. وكانه اراد ان يقول ان عصر العمالقة قد انتهى فترجل بصمت وبهدوء ... فكان رحيله واجزم بأن رحيله كان احتجاجا وإستنكارا على احراق شجر الزيتون بيد غارسيها ... وكأنه لم يحتمل أكثر هذا الخراب وهدم المعبد من جديد ... وكأنه لا يريد ان يمعن النظر اكثر بالمشهد ... وربما عليك الآن ان تعتذر عما فعلت ... ففعل الرحيل لا يتوافق والموقف الآن .. فقد كنت آخر العمالقة يا سيدي ... و لا نحتمل كل هذا الحزن والشجن ... انتظرنا طويلا لعودة الفراشات فقد انبأتنا بعودتها .. وأجبرتنا على التمترس خلف كلمات مزامير عشاق الحياة ... وكنا ان عشقنا الحياة بعد ان فهمنا معادلتها ... بأن يأخذوا حصصهم من دمائنا وتستمر الحياة بكنف الأرض البكر المسماة فلسطين ام البدايات ام النهايات .... فحينما يصيبنا الوهن نلوذ بالفرار نحو فضاءات كلماتك المحلقة بحواري القدس والمصممة على ان ترسم البسمة على شفاه عاشقة تعلم انها لابد ان تستظل بزهر اللوز لتنتظر القادم الى حضنها ... ويكون ان يأتيها بلحظة صناعة المعجزة حينما يصبح للكلام المباح روحا وجسدا كتعويذة عرفنا كيف نحفظها لتحفظنا من شرور انفسنا ... وحيث انك قد ادركت ان هذا العصر قد صار زمنا لكلام المرتدين عن أديانهم ... وعادوا لصلبنا من جديد ... وقد صار للكلام وللموقف خربشات اخرى وتداخل الحق بالباطل واصبح الباطل سيد الموقف وله جولة بالإنتصار ... فقررت ان تصمت عن الكلام ....

هناك حيث عرفناك منذ البدايات بالكرمل انشدتك عصافير البراري ... ورددت من بعدك سجلها العربي وهويتها أدركتها وعرفتها وتحدت جلاديها بشيء من الكلام والنطق بلغة الضاد .. فهل يفهم من يفهم اليوم من يتبارون على بلاغة القول الركيك بعصر الرويبضات .....

هنا حيث الأرض الحبلى دوما تكون علامة الإستفهام ... ولا ياتينا الجواب ... وكنا نفكك طلاسم التيه ونلجأ اليك ... كم كان حملك ثقيلا ومهمتك صعبة ... يا ايقونة فلسطين ... ونجمة احرفها ... اخترت الرحيل بالمواقيت الخاطئة ... من اين لك كل هذه القسوة يا آخر النبلاء ...

إذن انت منذ الآن غيرك. لك أن تكون، كما تكون، خاتم الشعراء!

عرفت كيف العبور نحو فلسطين دون ان تثقل كاهلها ... وتسللت اليها من خلال خبز امك وقهوتها ... وحبيبتك دوما كانت تنهض من نومها متثاقلة ... أجبرتهم على النظر والـتأمل بعيون ريتا ... وبندقيه عاشقها .... ورسمت لهم طريق الخلاص من قبضة الفرشات ... ودعوتهم لأن يرحلوا عن سمائنا وبحرنا وعشقنا ويكفوا ايديهم عن نساءنا وجميلاتنا ... كنت عربيا بإمتياز ... وجدك المتنبي ينتظرك الآن بحضرة روضة اللغة والكلام المباح حيث سادة اللغة ... أخترت الرحيل لكوننا لم نعد نفهمك ام انك قد اردت ان تعاقبنا على فعلنا وتيهنا بصحاري زيفنا ...؟؟ بعد ان صار لنا الكثير من الأنبياء .... ام يكون رحيله استنكارا اعجازيا على طريق الرفض والممانعة لهذا العهر الذي صار يسمى وقائع العصر الجديد بعد ان صار لنا وطنان وصار لنا قتلى نقتلهم بايدينا متى نشاء وصار لنا سجون تحرسها بنادقنا ... لقد قتلتك الفضيحة، بعد أن رسمت الوطن وغنّىيت له، إلى أن اعترفت: «كم كَذَبنا حين قلنا: نحن استثناء».

يا صاحب الإضافات وسيد الكلمة. لم يحن الوقت لتترجّل عن حلمك – حلمنا. حيفا نائمة حالمة بيوم آخر. ألا تسمع صوت البحر الآن؟. إنه هائج. «والآن، وأنت مسجى فوق الكلمات وحيدًا، ملفوفًا بالزنبق.. أدرك ما لم أدرك: إن المستقبل منذئذٍ، هو ماضيك القادم». وماضيك هو ماضينا وهو مستقبلنا.

لا أظنك الآن «في حضرة الغياب». لا أظن. فأنت صاحب النبوءة الأولى: «حاصر حصارك لا مفر» !.

أن نقرأ الدرويش مرة اخرى بحضرة الكرمل بحيفا، فذاك مشهد اعتقد أن له كل الدلالات والمعاني... وان يعتلي فارس الكلمة الشعرية، صهوة حيفا، ليعلن عن الموقف الوطني، بلغه الشعراء الفلسفية لتتحول إلى بيان سياسي، بليغ فصيح واضح المعنى فذاك أيضا له كل الدلالات والمعاني... وان تأتي الكلمة الفصل من هذا المطوع للكلمة، خدمة لجمالية الألم وسط كل مشاهد الخراب والتخريب للذاكرة الوطنية الجمعية، فلذلك أيضا الكثير من المعنى الكامن في الذات، منذ أن أصبحت الخيانة وجهة نظر، والقتل مباحا مستباحا، من اجل أن تعلو كلمة حراس المعبد الجديد على الأرض....

حاول هذا القادم.. العائد... إلى الحيفا.. والمحاول الآن ان يعود الى تراب البروة ...أن يتمنطق بمنطق الفرسان النبلاء العائدون إلى حضن الأم... بعد أن كان لابد من أن يغادره ليكون اللقاء أكثر حميمية.. فكثيرة هي الأشياء التي لابد من الإمعان بصناعتها، وتقدير مواقفها، والعمل على خلق ولادتها، لتكون أكثر جمالية والأكثر إبداعا للخلق...

درويش كان لابد له من أن يغادر كي يعود كما كانت عودته إلى الكرمل مغنيا للكلمة ومطوعا للحرف لينحت الموقف المعبر عن الذات المؤمنة بعبقرية صناعة اللوحة الجمالية بعبقرية هذا الرحيل الأول ليلمس شكل وطبيعة طريق العودة إلى الوطن وكونها الأجمل من الوطن ذاته فالطريق إلى الوطن لا شك أنها الأجمل والأنقى ولربما أيضا الأبهى... وربما أيضا كان لابد من فعل الرحيل ليكون اللقاء كما نشتهي... وهو الذي حاول أن يعتبر أن يكون اللقاء طبيعيا في سياق طبيعة الأشياء ومنطقها الفيزيائي... وحيث أن لفلسطين منطق حسابات أخرى مختلفة عن كل الحسابات الإنسانية فمن الطبيعي أن يتحول الحدث في اللقاء الدرويشي شأنا عاما واحتفاليا... وأوليس القادم في حضرة الكرمل من ترجل منه ليعود على صهوة الخيل منذ أن بدأ خطواته نحو طريق العودة مجددا حاملا معه كل إبداعات الكلمة والموقف والجمل المعبرة عن ذواتنا المبعثرة بكل الأمكنة....؟؟ وليكون الصعود للكرمل وقد اكتمل النص جمالا وإبداعا وليصبح على هذه الأرض ما يستحق الحياة....؟؟ ودون أن نجهد أنفسنا بالسؤال المعتاد لماذا كان النزول عن الكرمل يوما..؟؟ نقول وبلغته أيضا حتى يكون الصعود بالموعد القادم... فلا يمكن أن يكون صعودا دون أن يكون نزولا.... وحتى لا تفقد اللغة حضنها ومرجعيتها كان لابد من الصعود مجددا نحو قبلة السماء حيث اللغة الوحيدة القادرة أن تعلو وان تسمو وان تحاكي رب عرش السماوات تضرعا وحبا وتحنانا... ولا مكان للتضرع، والأقرب إلى الرب.. سوى كرمل الحيفا الأقرب إلى سماء ملتحما بزرقة البحر لتتشكل لوحة ربانية من جديد...

ليس من الحق أو الخيار أن يختار من يعتقد أن المنافي قد تخلقه من جديد أو من يتحكم بمصير فعله الشعري أو اللغوي أو الإنساني وليس من حق هؤلاء جميعا أن يستكينوا للحدث إلا إذا أعلنوا أن تمردهم وإصرارهم على الحياة وسط الدمار ممكن وان المنفى جزء من مشهدية الوطن وفيها يتشكل الوطن أكثر وضوحا والرؤية تصبح أكثر نقاوة وتتضح المعاني حينما نضع النقاط على الحروف فالمنفى أيضا جزء من الوطن... وان للحب فسحة أمل وسط الأحمر القاني... حينها... وحينها فقط من حقك أن تصعد الكرمل وان تغني شعرك وترتجل قولك كلاما فصيحا بليغا جميلا.... فهنا كانت البدايات ولابد من أن تتواصل الكلمات... ومن هنا كانت التكوينات لرحلة المغامرات خارج تشكيلات جغرافيا المكان... وذاكرة المكان تختزن الكثير من خبايا الأحلام المتطايرة على شواطىء الحيفا...

هو التاريخ الذي لابد من صناعة أبجدياته من جديد ليستوي مع ما نريد من مسيرة لربما تكون عكس مسار الواقعية الجديدة وأنصارها.. وأنت من عاكس مسار واقعيتهم حينما تمرد على كل القوانين بما فيها قوانين ممانعة الوطن في لحظات التوق للإنعتاق من كينونة المكان والزمان وكنت أن أبحرت غربا وشرقا وحينما جاء الريح الشمالي وجدناك هنا بالكرمل... كان لابد من أن تستكين على سفوحه ولو للحظة وتحط ترحالك لتلقي علينا البيان الأتي حتى نعي ونفهم ونتوازن مع الذات في لحظات الصدمة... فأنت جزء من هذا التاريخ المتواصل والمستمر بإحداث صدماته بصرف النظر عن مكامن الخلل فيه....

كنا بحاجة وما زلنا الأكثر حاجة لأن تصدمنا كلمات مزاميرك وتفسر لنا شيئا من عبثية كوابيس الفعل المجنون على الأرض وكانت أن أتتنا تلك البلاغة حينما قلت... (...لكن كوابيسنا لم تزج بغزة في هذا المشهد إلى أن صحونا من الغيبوبة على علم ذي لون واحد يصرع علما رباعي الألوان وعلى محاولة انتحار المعنى علانية في الشوارع وعلى أسرى بزي عسكري يسوقون أسرى عراة إلى كاميرا النصر....) كنا بحاجة إلى قراءة من هذا النوع حتى نتوازن ولو قليلا ولنفسر الأشياء بتفسيراتها الصحيحة وحتى نضع النقاط على الحروف.. إذن كان لابد لك من أن تصعد إلى الكرمل وتلقي علينا تعويذة تحمينا من شرور وشرود أفكار الكفر المعششة في أعماقنا....

فقد صار لنا إمارة هناك وحاكمية هنا... ولنا أن نختار مابين أن ننتصر أو ننصر ذواتنا بشيء من وهم فعل فرسان الانتصار ونجرب ولو لمرة معنى السجود في حضرة هتافات التكبير على أعتاب وبوابات القلاع المهزومة....

مرة أخرى نحاول مجتهدين أن نفسر حقائقنا سيدي الشاعر الكنعاني الناطق بالضاد العربية لنستوعب أهات الظلم فينا وكيف لها أن تحرق دساتير تراثنا المتقوقعة بالنص الخرافي بأننا ملائكة هذا الزمان، فكنا أن فوجعنا بشكل المرايا حينما انعكست صورنا على شكل بشر تائهين باحثين عن معانينا... وتكون أن تأتينا أخبارنا لنكتشف زيفنا وان منا من يمضي بصومعته متطرفا حتى يحتكر المعبد منصبا نفسه سيد سدنة الجنة والنار.... ومنا من يمضي بلهوه ولعبه... ممعنا بالتخريب حتى يقدمنا قرابين على مذابح رؤيته الواقعية السياسية الجديدة... كنا بحاجة لقراءة مزاميرك من جديد حتى نصحو من وهم امتلاكنا لحقيقة ذواتنا... واعتقد أن ابتهالاتك على الكرمل قد جاءتنا بيانا فصيحا بليغا.... كافيا شافيا... ولابد لهذا الشعب من أن يمسك بزمام فعله ومصيره من جديد....

وحينما تعود الى بروتك على جناح الفراشات ... فقد عادت الفراشة ولملمت مبعثراتها .. كما علمتها انت ان تعود...

يونس العموري

الجمعة، 8 أغسطس 2008


افتراضي بالرحيل او الهروب ... لم يعد هناك الكثير من الفرق .... بقلم: يونس العموري

تعالوا نتحاكم امام هذه اللحظة التي اصبحت مخزية وقد تكون مخجلة ومهينة بحق انسانيتنا وفلسطيتنا، تعالوا نحاور ذواتنا امام شجر الزيتون المقاوم في ظل الحقد على التين والزيتون وحكايا الجدات، تعالوا نرى المشهد من جديد، وتعالوا نعاود فهم ما يحدث، او بالأحرى محاولة استيعاب المفردات الجديدة بقواميس الإيمان المطلق لأمام العصر الجديد .... تعالوا ندقق النظر بعيون ذابلة ومحبطة بمشهد الفرار والهروب من وطن يُقال انه الوطن ...

فقد جاء زمن العري والتعري امام عدسات التلفزة حتى يُصار بشكل عملي لممارسة فعل امتهان كرامة الانسان اولا ولكرامة النضال ثانيا، وحتى تكون صناعة النصر امرا واقعا بعرف الولاة الركع السجد بمعابد وخلوات من نصب نفسه الحاكم بأمر الله وبأمره ووريث الحكم الشرعي التشريعي ومن يجوز له ان يحدد مصائر بني البشر في الجنة الموعودة او بجهنم العري والتعري ...

تعالوا نقول ما يجب ان يُقال ... لا ما تريديون ان تسمعوا ما يُقال .... من انتم ..؟؟ ومن اين لكم كل هذا الحقد ..؟؟ وكل هذه الظلامية ..؟؟ كيف لنا ان نصدق أمنكم وأمانكم ..؟؟ وكيف لنا ان نتعايش واياكم في ظل القتل والضرب والصراخ والضجيج ..؟؟ ما هي عقيدتكم ..؟؟ ان كنتم من المؤمنين بالمعجزات وصناعة المعجزة فشعب فلسطين بحد ذاته معجزة وان يقف بوجه الجلاد والمغتصب للحلم معجزة المعجزات، ولا يستحق منكم كل هذه البشاعة والتفنن بفعل القصف والقتل بتهمة الاعتراض على صراخكم وضجيجكم .. ولا تحاولوا ان تقولوا ما تقولوا من فبركات اعلامية وعبارات اصبحت معلومة ومعروفة ونغمة من نغمات من ينطق باسمكم حيث سئمنا من سماعنا لمقولة لكل من يختلف معكم انه من فلول التيار الخياني ... كلنا خونة بنظركم وكل تاريخ فتح ونضالاتها قد صارت نهجا خيانيا مزورا بأعرافكم وانتم فقط من يملك حقيقة الجهاد في سبيل الله ... وكأنكم قد نصبتم انفسكم حكام وامراء بأسمه تعالى ...

قال من قال باسمكم، ان من هرب قد اخطأ ومارس فعل الرذيلة ... (وقد يكون محقا) فكان لابد له ان ينتظر ليُقتل برصاص المقنع بالسواد، ليتحول الى رقم من ارقام القتلي بصفوف الخونة بمقاييس حكمكم الرشيد، وقال ايضا اننا كنا الرحماء بفعل القتل والتنكيل ولا يجوز ان يهربوا نحو الأعداء حيث كانت عدسات التصوير بإنتظارهم لتصورهم عرايا وحتى تشمتوا من هؤلاء الهاربين لتعاودا تصريحاتكم بالقول البليغ انكم كنتم الرحماء لهم وما تلك النيران المنطلقة من فوهات بنادق المجاهين بأمر الله الا لمقاتلة فقراء الإيمان بنهجكم ومن يكفرون باسلوبكم وفعلكم فلا مكان للإختلاف هنا وهو ممنوع ومحرم ورجس من فعل الشياطين، ولا حقيقة الا حقائقكم، ولا رؤية الا كما ترونها انتم، اولستم المنتصرين حتى الأن بمعارك تطهير جغرافية غزة من ملحقات التاريخ الماضي لما يسمى بالجهاد والنضال على ارض الإسراء والمعراج ... وتاريخ ذاك الجهاد لم يبدأ الا حينما بدأتم حسبما نصت عليه مزامير أدبياتكم ...

تعالوا نناجي الرب بحضرة الإنكسار والظلم، وان كان القهر سيد الموقف، ولا داعي لأن نمارس خداع الكلام المعسول والممزوج بدبلوماسية الكذب والتكذيب، ولنصارح فقراء ارصفة الشوارع والجوع، ومن يجوبون الحواري بحثا عن حقيقة وجودهم، وهل باتت اسماءهم وكنى عائلاتهم من مرادفات ابليس الجديد ..؟؟ ... وعذرا لشاعر قال ما قال بحضرة الرب حينما ضاقت رقعة جغرافية الوطن عليه وولى الأدبار هاربا بعتمة ليل غاب القمر ليلتها ليكون فعل الهروب ممكنا وانشد مناجيا رب وطنه والاوطان متمنيا على ابواب سنته الجديدة ان يكون للوطن معنى وان يكون لإنسانيته حقيقة يفهمها الأخر، فحينما يصبح هذا الوطن سجنا والسجان رفيق الأمس، وحينما يتحول الوطن مرتعا لممارسة العهر في وضح النهار، ومملكة لأمراء المجون، يصير كل شيء مباح، وانهيار مدماميك ما يسمى بالقيم والاخلاق والمحرمات فيه الكثير من وجهات النظر ... فنيرون احب روما واحرقها، والحجاج حفظ كلام الله وقصف الكعبة ...
تعالوا لنقول كلمتنا بوجه التنين ولمرة واحدة وليكن من بعد ذلك الطوفان، سئمنا التحليل والتعقل وممارسة اقصى درجات الضبط والحكمة ولربما يتطلب الموقف ان نصبح المجانين بوضح النهار، ووجنون الجماهير فيه الكثير من التعقل حينما تعجز القيادات بليلها...

هي كلمة الجماهير الأن وهي كلمة من يجب ان يقول كلمته في ظل اشتداد الهجمة وانسداد الأفق فلا يمكن ان يتوقف سيل الدم الفلسطيني إلا حينما يدرك الشعب كل الشعب وبكل أطيافه السياسية والثقافية والدينية والاجتماعية ، بأنه حان الأوان لطردهم من بيوتنا ومن احلامنا ومن على موائدنا ...
هي كلمة للتاريخ وليغضب من يغضب، فلم يعد يهمنا غضب حفنة من الفاسدين والسماسرة وحفنة من الدراويش المتطرفين والعنصريين، فهم الحاقدون على الأفكار المبدعة المحلقة بعنان السماء ... وهم من يخافون من ان يصبح الوطن وطنا فعليا للكل ومن لا يرى الوطن الا بعيون لغة الدولار والبزنس، يرتعبون من الفكر الحر، يرتعبون من قصيدة حب ومن ظفيرة سمراء ترقب سويعات الغروب على شاطىء البحر المائج أو من قصيدة صوفية تحاول مناجاة الله بعيدا عن الشهوة والملذات بالعسل الموعود وحوريات العين ....

وهو التوقيت الصحيح للرحيل، او للهروب لم يعد هناك الكثير من الفرق ..... فإما ان يكون رحيلهم او يكون هروبنا ...

تطل عجوز ارتسم على محياها خطوط أزمان وأزمان وعاصرت الكثير من الأقوام ومرت بالكثير من الدروب وكانت ان حفظت كل أقاصيص الجدات للأحفاد وفككت بكل براعة كل الرموز وطلاسم الغزاة وعرفت كيف تحفظ وصايا جدتها ايضا حينما هربت واياها يوما وقبضت بكفها على مفاتيح عودتها الى الكرمل وعلمت ابناءها ان لبيتها رب يحميه، وان لفلسطينتها ذاكرة ترسمها بمخيلتها بالكثير من البهاء لكروم التين والزيتون ولبراري الوطن رائحة وعبق عرق الفلاحين المختلط بزهر اللوز والياسمين، وكانت ان جاءت الى جنوب الجنوب وعنادت ومارست الحياة وكانت ان عشقت وصار لها الأحفاد ومن قبل الأولاد وجابت كل السجون بفخر واعتزاز فهناك يقبع ممن رضعوا حليبها، ومكثت ستون عاما وعام ولم تفقد أملها بالعودة ولم تمارس فعل الهروب فجاء من يفرض عليها فعل الهرب وكانت ان هربت من رصاص القتل ... فقد كانت تلك العجوز ماكثة قابعة بالشجاعية على امل ان تعود الى كرملها ....

اذن هو التوقيت الصحيح للرحيل .... او للهروب ... لم يعد هناك الكثير من الفرق ....

شبعت الم من الاشتياق !

حتى الان انتظرك ... حتى الان اقف ولا اتحرك كي المح طلتك .. حتى الان انتظر تغريد صوتك .. حتى الان انتظر إقبال تلك الابتسامة التي سحرتني بطلتها ... فوالله مثل اشراقة الشمس في وقت الفجر ... حتى الان اقف على نافذتي انظر الى القمر والى النجوم .. المح صورتك على وجه القمر ... فقررت عدم الرحيل ... كي اتمعن بنظر الى تلك الصورة التي احتلت قلبي وعقلي ... انظر الى النجوم .. فلا اود مفارقتها .. علني ارسل حبي اليك خلال نورها .. علني ارسل حبي مشاعري احاسيسي اليك من خلال نورها .. يامن تسيطرين على قلبي

اشتقت اليكي ... اشتقت الى همساتك ... كلماتك ... والى تراتيلك ... الى تلك الابتسامة .. و ذلك الجنون ... الذي اعلنتي به اجتياح قلبي ... الذي اعلنتي به اجتياح فكري ...

اشتاق اليكي ولا ارى طريقة ... او مخرج ... كي اصل اليكي لاعبر لكي عن مدى اشتياقي ... عن مدى قلقي ... عن مدى المي ولوعتي عليكي ...

انتي تعلمين بان عيوني لا تستطيع ان تفارق صورتك دقيقة ... انتي تعلمين انني لا استطيع ان ابتعد لو مجرد ثواني !! عن سماع صوتك ... وتعلمين بانني لا استطيع ان افارق مشاكستك .. ومشاغبتك ... فما اجمل تلك الايام .. وما اجمل تلك الاوقات التي كنت كالطفل البريء .. تتداعبين وتشاكسين ... والبراءة هي من تسيطر على الموقف ...

تعلمين يا سيدتي حتى لغضبك قد اشتقت ... حاسمة .. قوية ... كاسرة ... ان غضبتي .. ولا اعتقد بانني اكون جريئ بالوقف امام هذا الغضب ... وكم محرج موقفي ان كنت انا سبب هذا الغضب .. لكن مع هذا كله فقد اشتقت الى غضبك .. والى قوتك ...

اشتقت الى حنانك .. الى عطفك .. الى ذلك الشعور الذي كنتي دوما تغذيني به دوما ... ولا تحرميني من الشعور به .. حتى في الوقت التي انتي تكونين به بحاجة الى هذا الشعور كنتي لا تفارقين وتقدمين لي كل مشاعر العطف والحنان الذي عودتيني عليه ... واعذريني يا سيدتي لكني احترق لوعة على اشتياقي لهذا العطف ... واشتياقي لهذا الحنان ... هيا بالله عليكي عودي .. الم تشتاقي الي ... الم تحني لي ؟؟ ...

عودي يا حبيبتي فقد اطلتي الغيبة ... فقد اطلتي غيبتك عن قلبي وعن عقلي ... عودي فانتي من يمكنه ان يرود الروح الى قلبي ... عودي فانتي من تستطيع ان تنقذي قلبي من حالة الانهيار الذي اصبح يعيشها ... عودي انتي وحدك من تستطعين ان تقولين للالم ... للقلق ... للتعب ... للارق .. هيا اذهبو فلقد عدت لانقذ من جعلني اسقط بحبه وبعشقه كالاسير ...

هيا يا سيدتي عودي وانقذي قلبي من انهيارة ... عودي وانقذي عيوني من حالة الغرق الذي قد افاضتها على بعدك ... على اشتياقي لكي ... عودي وانقذي عشيقك يا عشيقتي .. عودي لتغذيته باجمل كلمات العشق وباجمل كلمات الحب .. عودي فعشيقك قد شبع من الالم على اشتياقك ..

***

بقلم ابو جهاد